قال الله عز وجل: ﴿قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر: 53).. ترغِّب هذه الآية المذنبين في التوبة والاستغفار، وتدعوهم إلى الرجوع إلى الله، وعدم اليأس والقنوط من رحمة الله.

وإن وقوع المسلم في الخطأ والذنب متوقَّع، وليس مستبعدًا؛ لأن الإنسان ضعيف أمام الإغراءات والشهوات، كما قال تعالى: ﴿وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾ (النساء: 28)، ولم يجعل الله العصمة إلا لأنبيائه ورسله - عليهم الصلاة والسلام - فهم الذين حفظَهم وصانَهم، وعصَمَهم من الوقوع في الذنوب أو المعاصي أو الأخطاء؛ لأنهم قدوةٌ لأتباعهم، ويبلغونهم شرع الله.

أما غير الأنبياء والمرسلين فهم عرضةٌ للوقوع في الذنوب والمعاصي؛ حتى لو كانوا من كبار العلماء أو قادة الأولياء، أو من السابقين من الصحابة والتابعين!! وهذا دليل ضعف الإنسان وعجزه وقصوره وحاجته إلى الله!!

والفرق بين ذنب الصالح وذنب الطالح أن ذنب الطالح المفرِّط المقصِّر يكون بقصد وتعمُّد وتوجُّه وتصميم؛ فهو يفكر فيه ويبحث عنه ويطلبه ويخطط له، ويتفاعل معه، ويرتكبه برضى وقبول، في الوقت الذي يكره فيه العبادة والطاعة والفضيلة والعفة.. أما الصالح التقي فإنه يجاهد نفسه لعدم الوقوع في الذنب، ويأخذ بها نحو العبادة والعمل الصالح، ويحذَر المعاصي والذنوب.. ومع ذلك قد يضعف ويغفل، فيقع في الذنب، ويكون هذا بدون قصد أو تعمُّد.. ثم إنه سرعان ما يصحو ويتذكر، فيعرف خطأه، ويعترف بذنبه، ويسارع إلى التوبة والاستغفار، وعلى هذا قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنْ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ﴾ (الأعراف: 201).

وإن الله عليم حكيم، خلق الإنسان بهذا الضعف؛ ولذلك يدعوه إلى سرعة الرجوع إليه، وعدم الارتكاس في المعصية، والركون إلى الذنب، والقنوط من رحمة الله.

ينادي الله عباده المقصرين الذين أسرفوا على أنفسهم بالمعاصي ويرغِّبهم في التوبة، ويحثهم على الاستغفار، ويتحبب إليهم سبحانه قائلاً: يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم، لا تقنطوا من رحمتي، ولا تيأسوا من مغفرتي، واحذروا أن يخدعَكم الشيطان، وإياكم أن تيأسوا من فضلي.. هلمُّوا وتعالوا إليَّ، وأقبلوا عليَّ، وأنا أقبلكم وأغفر لكم كل ذنوبكم ومعاصيكم؛ لأني أغفر الذنوب جميعًا.

أرأيتم هذا الترغيب من الله لعباده في التوبة والاستغفار؟! وهذا التحبب من الله لهم!! وهذه الفرصة الجديدة التي يتيحها.. وكم يخسر الذين لا ينتهزون الفرصة ويرفضون التوبة!!

 

  1. =========
    ==============

    بسم الله الرحمن الرحيم
    --------
    لا تقنطوا من رحمة الله‎
    عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:
    "قَالَ إِبْلِيسُ: أَيْ رَبِّ لَا أَزَالُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ".
    قَالَ: "فَقَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ:لَا أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي".
    أخرجه أحمد (3/29 ، رقم 11255) ، وعبد بن حميد (ص 290 ، رقم 932) ، وأبو يعلى (2/530 ، رقم 1399) ، والحاكم (4/290 ، رقم 7672) ، وقال : صحيح الإسناد. وأخرجه أيضًا: الطبراني فى الأوسط (8/333 ، رقم 8788) . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (1 / 163).
    =====================
    وَعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِلِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِوَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِلِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا".
    أخرجه أحمد (4/395 ، رقم 19547) ،ومسلم(4/2113 ، رقم 2759) ،
    والدارقطني فى الصفات (1/20 ، رقم 18) . وأخرجه أيضًا : عبد بن حميد (ص 197 ، رقم 562) ،
    والروياني (1/364 ، رقم 556) ، والبيهقي (8/136 ، رقم 16281).
    ======================
    وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْصِنِي, قَالَ: "إِذَا عَمِلْتَ سَيِّئَةً فَأَتْبِعْهَا حَسَنةً تَمْحُهَا"
    قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِأَمِنَ الْحَسَنَاتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ قَالَ: "هِيَ أَفْضَلُ الْحَسَنَاتِ".
    أخرجه أحمد (5/169 ، رقم 21525) وحسَّنه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3 / 361).
    =====================
    وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:"إِنَّ صَاحِبَ الشِّمَالِ لِيَرْفَعُ الْقَلَمَسِتَّ سَاعَاتٍ عَنِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ الْمُخْطِئِ أَوِ الْمُسِيءِ، فَإِنْ نَدِمَ وَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ مِنْهَا أَلْقَاهَا، وَإِلا كُتِبَتْ وَاحِدَةً".
    أخرجه الطبراني (8/185 ، رقم 7765) ، وأبو نعيم فى الحلية (6/124) . وأخرجه أيضًا: الطبراني فى مسند الشاميين (1/301 ، رقم 526) ، والبيهقي فى شعب الإيمان (5/391 ، رقم 7051) ، و الواحدي في " تفسيره " (4 / 85 / 1 ). وحسنه الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 3 / 210 ).
    ===========================
    - صيد الفوائد

=================================